مقال مترجم من موقع Valdai
كاتب المقال Ivan Timofeev
تاريخ المقال 7 شباط/فبراير 2020
كان توقيع الحزمة الأولى من الوثائق في إطار اتفاقية التجارة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية خطوة جادة نحو وقف إطلاق النار “تعبير مجازي” في الحرب التجارية بين العملاقين الاقتصاديين، حيث قبلت بكين التزاماً فيما يتعلق بالصادرات الأمريكية للعامين المقبلين، وقالت واشنطن إنها لن تفرض رسوماً جديدة، بالطبع تُركت القائمة سارية المفعول حتى توقيع الحزمة التالية ومع ذلك فإن الهدوء في الحرب التجارية لن يفعل الكثير لتقليل خطر فرض الولايات المتحدة عقوبات على الصين
بعد كل شيء الحرب التجارية والعقوبات هما شيئان مختلفان، في حين أن الأول يتعلق بالاقتصاديات، فإن الأخيرة تتعلق بالسياسة، لم تختف التناقضات السياسية المتنامية بين الولايات المتحدة والصين وهذا ما يعني أن خطر العقوبات سيستمر بغض النظر عن النجاح في حل الحرب التجارية.
الفرق الرئيس بين العقوبات والحروب التجارية هو أن الأولى تتمثل في وجود أهداف سياسية محددة من خلال فرض قيود اقتصادية، تحاول الدولة التي بادرت إليها إجبار الدولة المستهدفة على إدخال تغييرات سياسية أو اتخاذ قرارات مواتية لها، ويمكن أن تكون الحروب التجارية سياسية أيضاً لكن أدواتها مختلفة عن العقوبات، في حالة الحروب التجارية نتحدث بشكل أساسي عن الرسوم الجمركية والالتزامات المتعلقة بحجم التجارة، في حالة العقوبات يعني حظر المعاملات مع بعض الشركات والأفراد، والقيود المفروضة على توريد سلع وخدمات معينة، والقيود المالية وغيرها من الخطوات غير السارة.
في حالة الولايات المتحدة هناك فصل واضح في المصالح بين السياسة التجارية وسياسة العقوبات على الرغم من أن وزارة التجارة الأمريكية ومكتب الصناعة والأمن التابع لها يمثلان جزءاً من آلية العقوبات، إلا أن معظم وظائف العقوبات لا تزال تخص وزارة الخزانة ووزارة الخارجية.
خلاصة القول هي أنه ينبغي النظر في سياسة العقوبات في سياق المشاكل والمتطلبات السياسية، حتى الآن لدى الولايات المتحدة العديد من هذه المتطلبات بالنسبة للصين وتتمثل بالآتي:
- تقليص الشراكة مع إيران أو وقفها تماماً في تلك القطاعات التي فرضت فيها الولايات المتحدة عقوبات، وهي شراء النفط الإيراني وكذلك تزويد إيران بالمعدات ذات المكونات الأمريكية.
- إجبار الصين على اللعب وفقاً للقواعد الأمريكية في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، وفي قطاع التكنولوجيا الفائقة ككل.
- التأثير على سياسات الصين في هونغ كونغ ومناطق أخرى من البلاد من خلال موضوعات حقوق الإنسان والديمقراطية.
- الحد من طموحات الصين في بحر الصين الجنوبي.
وراء هذه المطالب يكمن السياق الأوسع للتنافس المتزايد بين واشنطن وبكين، إضافة إلى ذلك فإن الجانب الأمريكي يركز على هذا التنافس بشكل علني في حين تحاول الصين كسب الوقت وليس الانخراط في المواجهة المفتوحة وتفاقم التناقضات الحالية.
كانت الأخبار الجيدة للشركات الصينية هي استبعاد شركة ناقلات الشحن COSCO وست شركات أخرى من قائمة عقوبات الخزانة الأمريكية SDN والتي هي عبارة عن دليل للمؤسسات والأفراد الذين تم منعهم من الوصول إلى النظام المالي الأمريكي، وظهرت الشركة في قائمة SDN مع خمس شركات أخرى في 25 أيلول/سبتمبر 2019 بسبب شحنها للنفط الإيراني، بالنسبة لأي شركة دولية كبيرة فإن التواجد في SDN محفوف بالعواقب الوخيمة وحتى الإفلاس. في هذه الحالة، يواجه الناقل صعوبات في كل خطوة – من فشل البنك في دفع ثمن الخدمات إلى عدم القدرة على استخدام الموانئ وإصلاح البنية التحتية في الخارج.
تم إلغاء العقوبات المفروضة على الشركة الصينية بمساعدة شركة NOVATEK الروسية، التي كانت قادرة بسرعة على حل المشكلة باستخدام الناقلات، في الوقت نفسه بقي عدد من الشركات الصينية الأخرى في قائمة SDN. يمكن أن يعزى الإفراج الجزئي عن شركات النقل الصينية من قائمة SDN إلى الإيجابية للعلاقات الثنائية في كانون الثاني/يناير 2020، ومع ذلك فإن العلاقة بين العقوبات والصفقة التجارية لا تزال مشروطة للغاية من خلال تحرير بعض الشركات والاحتفاظ بالجزء الآخر في SDN ، ترسل الولايات المتحدة إشارة لا لبس فيها للامتثال للعقوبات الأمريكية ضد إيران، فمن المحتمل أن يكون الأمريكيون قادرين على تحقيق نجاح تكتيكي على الأقل بمنع إمدادات النفط الإيراني للصين ويمكن أن يتسبب ذلك بالضرر للشركات الكبيرة في خسائر أكثر خطورة مقارنة بفوائد النفط الرخيص من إيران، وقد تدعم بكين طهران لأسباب سياسية لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت الصين مستعدة لإفساد العلاقات مع الولايات المتحدة من أجل إيران.
في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية ، وقع هجوم عقوبات الولايات المتحدة في الجزء الأول من عام 2019 كانت المناسبة الرسمية هنا هي القضية الإيرانية، حيث اتهم الأمريكيون الشركات الصينية ZTE و Huawei بتزويد إيران بمعدات تحوي مكونات أمريكية، أعطى الكونغرس السلطة التنفيذية الإذن لفرض قيود على شراء أجهزة Huawei و ZTE من قبل الوكالات الحكومية وفي 15 أيار/مايو 2019، قدم الرئيس الأمريكي الأمر التنفيذي 13873 بشأن تأمين المعلومات والاتصالات، ووضعت وزارة التجارة شركة هواوي على “قوائمها السوداء” على الرغم من أن وزارة التجارة أصدرت رخصة عامة والتي سمحت للشركات بالعمل مؤقتاً مع الشركة، إلا أن Huawei عانت من أضرار جسيمة في سمعتها وما زالت في حالة “طي النسيان” في العلاقات مع شركائها الأمريكيين، وفي الوقت نفسه تعاني الشركات الصينية أيضاً من هجوم خطير على السمعة من جانب الوكالات الحكومية الأمريكية، في حين لم تؤثر الصفقة التجارية بعد على العقوبات المفروضة على شركات الاتصالات.
من غير المرجح أن تؤثر الاتفاقيات التجارية على عقوبات حقوق الإنسان، ومن غير المرجح أن تتسبب قوانين العقوبات ضد الصين الموقعة من دونالد ترامب بعد الاحتجاجات في هونج كونج بأضرار اقتصادية كبيرة، ومع ذلك كان لتلك العقوبات صدى سياسي وتعتبرها الصين تدخلاً في الشؤون الداخلية، وأخيراً لا يزال الوضع في بحر الصين الجنوبي مستقراً ولا تخيم عليه العقوبات، ومع ذلك نوقشت هذه القضية في مجتمع الخبراء الأمريكيين.
بمعنى آخر الرابط بين العلاقات التجارية والعقوبات لا تكاد تستحق التقدير، فتطبيق العقوبات هو اتجاه مستقل متعلق بالقضايا السياسية، وإن تدهور العلاقات بين اللاعبين الكبار ينطوي على مخاطر بالنسبة للاقتصاد العالمي، ويمكن أن يؤثر على روسيا.